بقلم المحامي فهمي شبانة التميمي / القدس
ضابط مخابرات فلسطيني سابق
غريب شعبنا الفلسطيني , ففي عام 2000 جَمع الرئيس الراحل أبو عمار مدراء أجهزته الأمنيّة في الضفّة الغربيّة على ضوء إغلاق الأفق أمامه بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس من خلال المفاوضات مع اسرائيل , وفقدانه لكل أوراق الضغط التي من شأنها أن تُعزّز قوّة المفاوض الفلسطيني أمام هذا الاحتلال الغاشم ,
وطلب من هؤلاء المدراء الأمنيّين أن يحرّكوا الشارع الفلسطيني وإشعال انتفاضة جديدة وتمّ توزيع المهامّ والتعليمات في نقاط محدّدة ليبدأ بها الشباب الفلسطيني الاحتكاك مع الاحتلال لإشعال هذه الانتفاضة المرجوّة التي كانت ستعزّز وضع الرئيس الراحل التفاوضي .
ولكن في اليوم والأماكن المحدّدة وعند ساعة الصفر كان جنود الاحتلال وشرطته ومستعربيه بانتظار الشبان الذين فوجئوا بهذا الكمّ الكبير من الأمن الإسرائيلي في هذه النقاط المحدّدة لهم فعاد كلّ واحد لبيته يلعن السلطة وأجهزتها المخترقة وخاب أمل الرئيس أبو عمار بإشعال انتفاضة جديده , هذا الرئيس الذي قاد الشعب الفلسطيني ما يقارب أربعة عقود وعرف كل شاردة وواردة فيه , وأصبح لكلّ فرد من هذا الشعب مع هذا الرئيس حكاية يرويها لمقرّبيه ومستمعيه , ومع كل هذا لم يعرف الرئيس الراحل كلمة السرّ في تحريك الشارع الفلسطيني ... إنّها ... التحرّش الجنسي !!!
ولإثبات وجهة نظري فللنظر للمواقع الألكترونيّة وحديث الشارع بكل مستوياته هذا الأسبوع , إنّهم يتحدّثون جميعا عن قضيّة الوزير حسين الشيخ وتحرّشه بزوجة المناضل أحمد أبو العم وهو نفس التحرّك من الشارع الفلسطيني الذي جرى إبان التحرش الجنسي من قبَل رئيس ديوان الرئيس رفيق الحسيني مع إحدى المواطنات , لقد غطّت أخبار هذا التحرّش على أخبار الرئيس أبو مازن الموجود في أمريكا والذي يُعدّ العدّة منذ أشهر لإلقاء كلمته في الأمم المتحدة ليطلب اعتماد دولة فلسطين كدولة مراقبة في الأمم المتحدة ... , ولكنّ أخبار التحرّش بالنسبة للمواطن الفلسطيني كانت أهمّ من هذا الاعتماد لدولة فلسطين ... حقا ... لقد كان لدويّ أخبار التحرّش الجنسي الأثر الأكبر ... فلم أر هذه الحركة تدبّ في الشارع الفلسطيني على أخبار اغتيال المناضلين ولا على سجن قيادات فلسطينيّة شريفة ما زالت تعاني في سجون الاحتلال نتيجة التنسيق الأمني برعاية قيادات فلسطينيّة مشبوهة ما تزال متربّعة في اللجنة الّمركزيّة على رقاب هذا الشعب .
لقد كان التحرّش الجنسي في كل مرة هو سيّد الموقف , ومحرّكا للشارع الفلسطيني , لهذا لو علم الرئيس الراحل أبو عمار كلمة السر هذه لأخرج من درجه كلّ يوم ملفّ تحرّش من مسؤولي أوسلو على إحدى المواطنات , وحتى على المضيفين لهم من لبنانيّات وتونسيّات , وبدل أن يُشعل انتفاضة ضدّ الاحتلال كان بإمكانه أن يُشعل ثورة لن تبقي ولن تذر وكان سيختفي الاحتلال من فلسطين للأبد , ولكن للأسف فالرئيس قد اغتيل وهو لا يعلم كلمة السر .
أمّا الرئيس الحالي فلا يريد انتفاضة ويُحجم عن استعمال كلمة السر هذه فهو لا يريد إثارة انتفاضة لأنّه مُقبل على انتخابات بلديّة , ورئاسيّة لدولة غير قائمة يعيش كلّ شعبها تحت الاحتلال وفي الشتات فنرجوا من الشعب الفلسطيني الهدوء ومن الضحايا الصبر على الجراح حتى يتفرّغ الرئيس لهم ....
إضافة التعليقات متوقفة حاليا - ترجى المعذرة.
Comments will undergo moderation before they get published.