بقلم فهمي شبانه التميمي في يوم الثلاثاء الماضي توجهت لصلاة ركعتين في المسجد الأقصى المبارك فأوقفت سيارتي خارج سور القدس دخلت من باب الساهرة ولدى مروري بمقهى جابر ويقع على بُعد خطوات من باب الساهرة بالجهة الشماليّة من البلدة القديمة استوقفني جمع من أهالي القدس ليستطلعوا أخباري وآخر ما وصلَت به أحوال السلطة
وعبّروا جميعا عن مدى استيائهم لما وصل به هؤلاء الذين حضروا من الخارج وشكّلوا ما يسمى بالسلطة الفلسطينية فقام أبو بدوان جابر بطرح مشكلته حول قطعة أرض تقع على سفح جبل الزيتون المطل على المسجد الأقصى والتي من شأن تفاقم مشكلتها استيلاء اليهود على هذه الأرض والغريب أنّ خلافَه على ملكية هذه الأرض هو مع عائلة الحسيني التي فيها عدنان الحسيني كمحافظ لهذه المدينة الذي لم يحرّك ساكنا لإنهاء هذه المشكلة قبل دخول اليهود لهذه الأرض وساعتها لن يستفيد منها لا جابر ولا الحسيني بل وستتوسع عليها مستوطنة تدعى بيت أوروت (أي بيت الأنوار) فما كان منّي إلا أن وعدته أنّي سأتحدث عن هذه المشكلة لعل وعسى أن تجد طريقها إلى الحلّ. وأكملت طريقي حتى مررت بباب حطة فاستوقفني أبو جهاد وهو أحد وجوه عشيرة النور في البلدة القديمة فتمسك بي وناشدني بالتدخل بين عائلات عشيرة النور قبل أن يسيل الدم بينهم حيث كثرت خلافاتهم وأصيب العديد الكثير منهم في شجارات عائلية بينهم فسألته مقدّرا خطورة ما تمرّ به هذه العشيرة التي ينتشر أفرادها في محيط المسجد الأقصى بالجهة الشمالية وخاصة في حارة باب حطة , سألته عن دور رجال العشائر بالقدس ومسؤولي ملف القدس فحدثني بلا حرج أنّه راجع الجميع ولكن لا حياة لمن ينادي وبيّن لي مدى تقاعسهم ومدى خطورة الخلاف وكيفية استغلاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي للمدينة وكيفية محاولة بعض رجال الإصلاح الذين يعملون بتعليمات من ضباط في الشرطة الإسرائيلية تأجيج الخلافات بينهم فوعدته بالتدخل بين عائلات عشيرة النور وعَمَل وثيقة عهد ومصالحة بينهم لقطع الطريق عن المندسّين وعن الطابور الخامس . ورغب أبو جهاد أن يرافقني للصلاة في المسجد الأقصى حيث أصبحنا على بعد أمتار حيث دخلنا من باب الملك فيصل وبعد الصلاة أخذني إلى أحد أركان المسجد رجل مسنّ وسألني هل أنت فهمي شبانة فأجبته نعم فقام وقبّل رأسي وقال لي أستحلفك بالله أن تتدخل لحل هذه المشكلة وهي مشكلة قضية مقتل رجل من عائلة النشاشيبي ويدعى حسن النشاشيبي حيث اتّهم بقتله فرد من عائلة السيوري ذات الأصول الخليليّة وقد أدين المتهم بالقتل وحكم بالسجن المؤبّد وأنّ أهل المُدان بالقتل يسكنون في نفس بيت المقتول وبمدخل مشترك وأنّه لا يوجد للمقتول عزوة أو رجال يدافعون عن أهله وعن مشاعرهم فاستفزّني هذا الأمر وطلبت منه أن يصحبني للإطلاع على البيت فخرجنا من المسجد من جهة باب المجلس ووصلنا قريبا من مدرسة الأيتام الإسلامية حيث تسكن عائلة النشاشيبي وعائلة السيوري واطّلعت على مأساوية الأمر وسألته ماذا فعل أهل القدس وتجّارها وعائلاتها والمسؤولين الذين يدعون المسؤولية عن القدس فأبلغني أنّ العائلات والتجار مستاؤون جدّا أمّا المسؤولين فيتفرّجون ولا يتدخّلون لعدم إغضاب إسرائيل لان القدس ومحيط المسجد الأقصى من صلاحيّاتهم فما كان مني أن اتصلت بكبير عائلة السيوري ويدعى أبو نعيم والمعدود على رجال الإصلاح وأشرت عليه بضرورة الانتقال من هذا البيت حفاظا على مشاعر أهل المغدور وحسب العرف والعادة ولكنّه ماطل .... وسيبقى يماطل طالما أن أهالي القدس ورجال الإصلاح فيها والتجار وما يسمّى بالمسؤولين يحاولون مسك العصا من النصف ولا يرفعون الظلم عن أرملة وصغارها ... فودّعت هذا الرجل ووعدته بمتابعة الموضوع وأنا اسأل نفسي أين هم شرفاء القدس ورجالها .... ولدى مروري بمدرسة الأيتام الإسلامية أحزنني وأدمعني أن أرى محلات تجارية وبيوت عربية قد سيطر عليها المستوطنين ورفعوا على أبوابها الأعلام الإسرائيلية ويلعب في ساحاتها وأزقتها أبناء المستوطنين والذين يزيدون يوما بعد يوم في ظلّ الصمت الرسمي الفلسطيني فما الخطأ لو تمّ شراء هذه العقارات المهددة بالتسريب وتمّ تسكين من يحتاج إلى سكن ؟! صحيح أنّ كثيرا ممن كانوا يشترون هذه العقارات كانوا يسرقون ولكن بالنهاية عقارات القدس هي الأهم لتبقى في أيدي المقدسيّين. ولدى مروري بطريق الآلام استوقفني احد التجار من عائلة وزوز وأصرّ علي بالدخول لشرب فنجان قهوة وفعلا دخلت وقبل وصول القهوة شاهدني عدد من التجار من عائلة الحلحولي ويغمور فدخلوا هم أيضا وجلسنا جميعا لنتحدث عن أوضاع القدس والى فقدانها لمرجعية تحميها وتتحدث باسمها وكيف أنّ أموال القدس والتبرّعات من الدول العربية والإسلامية تُنهب ولا يصل منها شيئا وأنّ عقارات القدس تهوَّد يوما بعد يوم فأشرت عليهم عمل مظاهرة سلمية أمام منزل رئيس الوزراء ودعوة الإعلام لإحراج من يستلم أموال دعم القدس وللتوقف عن نهبها وضرورة وضع موازنات ودفع مساعدات لأصحاب المحلات المغلقة ومساعدة هؤلاء التجار في الضرائب الغير طبيعية والتي هدفها تهجير الناس من محلاتهم ومنازلهم للاستيلاء عليها فوعدوا بالعمل على ذلك وأنا أرى في عيونهم عدم الجدية والخوف من بطش السلطة وتعريض أنفسهم للملاحقة إذا هم دخلوا أراضي السلطة . وبعد هذا الحديث توجهت إلى سوق اللحامين بالبلدة القديمة وهو السوق الذي كان يعج بالناس وأهالي القدس وقراها فوجدته خاليا من المارة والمتسوقين ولم أجد سوى بعض المحلات مفتوحة وأصحابها يجلسون على أبوابها يتحدثون ويبثّون همومهم فما أن أقبلت عليهم حتى التف حولي عدد منهم من عائلة قرّش والشويكي والشرباتي ورمضان وقالو انظر كم مواطن يدخل السوق ومن منّا يعمل وكم محل مغلق حيث أكثر من 50% من المحلات مغلقة ويلاحقنا اليهود بدفع الضرائب خاصة الأرنونا على المحلات المغلقة أيضا وتمرّ أيام لا نستفتح فيها ... فما العمل ؟ إنهم يعرضون علينا أي المستوطنين بيع محلاتنا والموت يسبق ذلك ... ولكننا نريد من يقف معنا ويساعدنا على الصمود ونحن نسمع بأموال وتبرعات للقدس فقط من الإعلام فأشرت عليهم أن يجتمعوا معا ويدعوا إلى تشكيل لجنة تتحدث باسمهم وبالتالي تنظّم لتصبح ممثلا شعبيا لأهالي القدس ليشاركوا في قبض وصرف وتوزيع كل المساعدات التي تأتي للقدس وودّعتهم وأنا أتحسّر على القدس وأحوالها . ولدى خروجي من سوق اللحامين مرورا بخان الزيت أوقفني احد تجارها من عائلة الشاويش حيث كان زميلا لي في السجون الإسرائيلية وأصرّ أن يضيّفني بكوب من الليمون البارد وأثناء ذلك تقدّم مني شابّ في مقتبل العمر وقال أنت الأخ فهمي شبانة فقلت نعم فقال هل لي أن أحدثك على انفراد فوافقت فأخذني إلى زاوية محل الشاويش وقال لي أنا من عائلة إدريس ولنا محل قريب من هنا وأصحاب المحل رفعوا علينا دعوى في المحاكم الإسرائيلية من عائلة أبو قويدر وهناك خوف من تدخل حارس أملاك الغائبين على هذا المحل والمساكن في المنطقة ولخطورة الموضوع توجهت معه إلى هذا الموقع القريب من أبواب المسجد الأقصى واطّلعت على الموقع وسألته عن دور المسؤولين في الموضوع وعن دور المحافظ (فكان لا حياة لمن تنادي) فوعدته بالاتصال مع عائلة أبو قويدر وانصرفت بعد أخذ رقم هاتفه النقّال فأوقفني قريبا من المحل أحد التجار من عائلة عابدين على مدخل سوق العطارين وأصرّ على استضافتي لشرب فنجان من القهوة ولدى دخولي للمحل وجلوسي , لحق بي شابّ أخر وعرّفني على نفسه بأنّه من عائلة أبو قويدر من أصحاب المحال الذي كنت فيه وأوضح لي الخلاف مع عائلة إدريس وبيّنت للجميع خطورة دخول حارس أملاك الغائبين ووعدتهم بالتدخل لانهاء هذه المشكلة الخطيرة ... وفي طريق خروجي من البلدة القديمة التقيت بأحد كوادر الانتفاضة الأولى الذي شارك فيها وسجنته إسرائيل وحُرم من التعليم لانشغاله بالمقاومة الشعبية لتحرير القدس وقضاءه 8 سنوات بالسجن حيث فاته قطار التعليم هو وكثيرين مثله حيث يُمنعون من العمل لأنهم لا يستطيعون الحصول على حسن سلوك من الاحتلال وبسؤالي عن أحواله أجابني انه يبحث عن عمل ... ولا يجد ... حيث قطعت السلطة الفلسطينية راتبه لأنه رفض أن يشهد شهادة زور في قضية رفيق الحسيني فتمّ قطع راتبه هو وثلاثين آخرين على شاكلته ... ؟ فطلبت منه الصبر وبعدها قلت له لك ولغيرك الحق أن تشعلوا انتفاضة أخرى ولكن هذه المرة ضدّ من عملنا على إحضارهم من الخارج ... ولدى وصولي إلى مكان إيقافي لسيارتي استوقفني رجل أعمال من عائلة النمّري وزوجته من عائلة الحسيني وسألني ماذا فعلت له لحل مشكلة بيته المهدّد بتسليمه لحارس أملاك الغائبين بواسطة احد محامي السلطة فأبلغته أنّني قد أطفأت فتيل الأزمة وأنّ الخطورة قد زالت وتبقّى استكمال حلّ المشكلة بواسطة رجال الخير بالمنطقة ووعدته خيرا ... وتوجهت إلى بيتي ورأسي يعج بالمشاكل واسأل نفسي هذه القضايا بالقدس سمعتها بجولة نصف يوم ... فمن لأهل القدس لحلّ هذه المشاكل ... ما هو دور من يدّعون المسؤولية عنها .... أين دور المحافظ وأين دور مسئولي القدس في منظمة التحرير.. واللجنة التنفيذية.. واللجنة المركزية لفتح... والمجلس الثوري... وأمين سر فتح.... ومسؤول القدس بحركة فتح ... وأين ممثّلي حركة حماس الذين فازوا بجميع مقاعد المجلس التشريعي ... وأين الشرفاء .... من سيرفع الظلم عن عائلة النشاشيبي ومن سينزع فتيل الأزمة عن عشيرة النور ... من سيحمي العقارات من حارس أملاك الغائبين ... ومن سينصف تجار القدس ... من سيدعم صمود سكان القدس وأهلها ... من سيؤمّن لقمة العيش لمن قُطعت رواتبهم ويُمنعون من العمل لأنّهم كانوا مناضلين في الانتفاضة الأولى وكانوا السبب المباشر في عودة رجالات السلطة إلى الوطن ...
إضافة التعليقات متوقفة حاليا - ترجى المعذرة.
Comments will undergo moderation before they get published.