في بلادنا، من المجرم: هل الذي يسرق أموال اليتامى أم الذي يقول عنه إنه سارق أموال الأيتام؟ طبعا من يقول وليس السارق. من الذي يهدم الوطن؟ المتعاون مع العدو أم الذي يقول عن المتعاون جاسوسا؟
طبعا من يقول وليس الجاسوس. من الذي يدمر المؤسسات؟ الفاسد صاحب الوساطات والحسوبيات أم الذي ينتقد الخلل؟ طبعا الذي ينتقد الخلل. خرج علينا الأستاذ فهمي شبانة ببعض ما عنده فثارت ضده اتهامات بالخيانة والعمالة. طبعا الذين اتهموه هم الخونة والعملاء والفاسدون. هكذا هو الأمر في بلادنا إلى حد كبير: مجرم كل من يقول الحق لأن الحق قد لا يبقي ولا يذر، وهو قادر على إسقاط رؤوس كثيرة. أو كما قال الشيخ طاهر الذي اتصل بشبانة لإقناعه بعدم الاستمرار في نشر الفضائح "في مليون عرص مقرنين." أراد الشيخ أن يقول لشبانة إن الشيخ تيسير ليس الوحيد بل هناك كثيرون على ذات الشاكلة. نحن بالتأكيد لسنا من عشاق الفضائح، ولا تشكل فضيحة فلان أو علان هدفا أو رغبة، إنما المشكلة أن هؤلاء الفاسدين يشكلون خطرا مرعبا على الوطن والمواطنين. لقد شكلوا عبر السنين الطويلة خطرا على المقاومة الفلسطينية، وعلى أبناء فلسطين ودمائهم وأموالهم وحقوقهم وأعراضهم. كان يخرج الفدائيون للقتال، وبسرعة كان فاسدو بيروت يتصلون بالعدو لإعطاء المعلومات الدقيقة؛ وكان يسقط الشهيد فيتكالب زعران منحطون على زوجته وبناته؛ وكانت تأتي أموال لأبناء الشهداء فلا يتوانون عن سرقتها. هؤلاء الخونة كلفوا شعب فلسطين دماء ونفوسا ومعاناة وآلاما وأحزانا ودموعا وليالي سوداء حالكة. لقد أفسدوا نضال أهل فلسطين، ودعموا العدو ليتمكن منا ومن مقاومينا المجاهدين الأبطال، ولم يكن ترمش لهم عين عندما كانوا يستعملون شعارات وطنية للاختباء تحتها. الهدف بالتأكيد ليس الفضيحة، إنما نشر الحقيقة عل وعسى أن يقف شعب فلسطين مدافعا عن نفسه في مواجهة هؤلاء الذين ينخرون جسده من الداخل. هؤلاء هم الذين يحميهم الاحتلال، وهؤلاء هم الذين تكرم عليهم الدول المانحة، وهؤلاء الذين تسير سياراتهم الحديثة بدماء شهداء فلسطين. هؤلاء هم العاهرون الذين يستأسدون علينا بأجهزتهم القمعية وتحت مظلة الاحتلال، وببنادق يزودهم بها الاحتلال أو يرخصها لهم. هم أعوان العدو، وأعوان الشيطان. تحدث شبانة فوجدنا هجمة ضده. لكن أين الذين يمتدحون ما قام به في الجلسات الخاصة وبين الأصدقاء؟ لماذا لا يجرؤ أحدكم على الوقوف معه بصلابة وشجاعة؟ أنتم الذين تتوارون جبنا وخوفا لستم إلا عونا للظالمين والفاسدين وأعداء الوطن. الغالبية الساحقة من شعب فلسطين تؤيد ما يقوم به شبانة، لكن أين هي الأصوات المرفوعة التي تجهر بالحق؟ يا سيد شبانة: أنت تقوم بعمل كبير، ومن واجبك الوطني والديني والأخلاقي أن تضع الحقيقة كما هي أمام شعب فلسطين. أنا أحد الناس الذين كانوا على يقين منذ زمن بعيد أن قيادات فلسطينية قد وجدت من أجل تصفية القضية الفلسطينية، وهي مرتبطة، على الأقل أغلب أفرادها، ارتباطا مباشرا بالعدو، لكن ما تقدمه أنت من معلومات موثقة يشكل منعطفا عساه يساهم في بعث القضية الفلسطينية من جديد، وتخليصها من أيدي هؤلاء الذين لا يؤتمنون على مصارين دجاجة ميتة. قطعا تصلك مكالمات كثيرة لكي تتوقف عما تقوم به، لكنك تحمل أمانة تاريخية، وهي أمانة ثقيلة.
إضافة التعليقات متوقفة حاليا - ترجى المعذرة.
Comments will undergo moderation before they get published.