رحلة طويلة كنا قد ابتدأناها مذ سلبت فلسطين منا، وحينها كنا قد أضعنا كرامتنا كما وضاعت البسمة من أوجهنا وتبخرت الفرحة من أعيننا، غير أننا لم نستكن لأننا شعب عربي مسلم حر أصيل ذو امتداد في جذور التاريخ والحضارة،

فرحنا نبحث جاهدين طويلاً عن أسباب تعيد لنا كرامتنا والبسمة لأفواهنا ، فكان أن اهتدى آباؤنا وأجدادنا لطريق الكرامة المعبد بالشهادة لاسترجاع ما سلب منا، فكان أن اقتربنا بذاك الطريق نحو حلم طالما راودنا حيناً، ثم ابتعدنا عن ذاك الطريق أخيراً لنجد أنفسنا في متاهة من التخبط والتشتت والتنافر والتشرذم والتناحر!!. اقتربنا كثيراً من هدفنا حين: 1. وقفنا للعدو نداً يوم خاطبناه بلغة يفهمها جيداً!!. 2. أمسك أكارم قومنا بمقدراتنا فكانوا سبباً مباشراً في تفجير طاقاتنا حمماً بوجه العدو الذي اهتزت الأرض من تحت أقدامه!!. ثم ابتعدنا عن طريقنا وهدفنا حين : 1. أجبرنا على تناسي مفردات تلك اللغة التي كان يخشاها العدو ويفهمها جيداً!!. 2. غادرنا ( غيلة واستشهاداً وتهميشاً ) أولئك الكرام من قادة قومنا فدخلنا من جديد في متاهات البحث عن طريق آخر قيل أنه سيقودنا ( يوماً ما !!) إلى فلسطين!!. ولمن تركبه اليأس والإحباط فظن بأن فلسطين قد نأت عنا، فأقول له بأنها حيث هي، وكما هي، فهي مازالت في مكانها، لم تتحرك من جغرافيتها، كما ولم تبتعد عن تاريخها بفضل صمود ورباطة جأش أبناء فلسطين البررة برغم كل ممارسات العدو وغطرسته وأحابيله، وما نشعر به اليوم من حالة إحباط ويأس إنما يعود في حقيقته إلى أننا كنا قد ابتعد عنها بما مارسناه من جحود بحقها وحق أنفسنا، فنحن قد ابتعدنا عنها حين أطفأنا مصباح البحث والتقصي في تاريخنا المجيد والتليد عن خصال وممارسات كان آباؤنا قد تشبثوا بها ردحاً طويلاً في رحلة تحقيق الحلم والعودة، وابتعدنا عنها حين آثرنا أن نبحث عن طريق العودة لها وسط دياجير ظلمة أطماع القادة وأولي الأمر وقصر بصيرتهم ونفاد إيمانهم بعدالة قضيتهم والارتهان ( لمختلف الأسباب والمسببات ) لمقدرات السياسة الدولية التي فرضتها علينا الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة فقداننا لقاموس مفردات نضال آبائنا وأجدادنا ومن سبقنا في الاستشهاد على أرض فلسطين، ولا نحتاج اليوم في رحلة عودتنا لتحقيق أهدافنا، إلا أن نعيد إضاءة مصباح المعرفة والفكر لنبحث مجدداً في قاموس الجهاد والكفاح الذي ركن جانباً رغم أنفنا، لنهتدي إلى السبل الكفيلة لنيل حقوقنا من خلال اختيار قيادة فاضلة وطنية بعيدة عن الأهواء والأطماع والمكاسب الشخصية، عن قيادة تعرف قدرنا وتدرك حجم طاقاتنا، تماماً كما بحث عنها من قبل الفيلسوف الإغريقي " ديوجين " صاحب مصباح الحكمة والمعرفة!!. كان "دايوجين" هذا قد انصرف إلى النظر في حياة الإنسان وشؤونه، واكتفى برحلته تلك باليسير من العيش ليحيا سعيداً هانئاً، مناضلاً في سبيل حرية الكلمة والموقف، مجاهداً ضد الظلم والاستبداد، فكان يسير في وضح النهار حاملاً مصباح المعرفة والفكر والحكمة باحثاً عن الحقيقة، عن الإنسان الفاضل الذي يعرف طريق كرامته في عهد امتلأ فيه الجور وفقدان الكرامة والحرية والسعادة، فكان أن صار مصباح "ديوجين" ذاك رمزاً لفلسفة للحياة تستند على الإيمان العميق والراسخ في إمكانية كل صاحب حق في هذه الحياة في أن يعيش حراً كريماً سعيداً!!. لقد تمكنت شعوب الغرب - المتقدمة المتسيدة على رقاب الضعفاء من أمثالنا - من تحقيق سيادة أوطانها ونيل كرامتها وحريتها بفضل وعي إنسانها وإدراكه لأهمية فلسفة "ديوجين" في رحلة البحث عن الكرامة تلك أولاً، وباختيار قادتها وأولي أمرها من الأكفاء والمخلصين ثانياً، مما مكنهم من بناء كياناتهم وامتلاكهم لأسباب القوة والمنعة وقلل بالتالي من سلبيات الأداء وهفوات الممارسة، وما ينطبق على الغرب إنما ينطبق على الكيان الصهيوني، حين أرشد مصباح "ديوجين" بشكل أو بآخر قادتهم للسير في طريق بناء كيانهم الدخيل أولاً، وتحقيق حرية وكرامة العيش لقطعانهم من يهود على ثرى وطن سليب اسمه ( فلسطين ) وعلى حساب ومعاناة وكرامة شعبه الذبيح!!. ما أحوجنا اليوم قبل الغد لمصباح وفلسفة " ديوجين " في رحلة البحث والتقصي والاهتداء لتحقيق ذاتنا واستعادة كرامتنا من خلال: 1. تنقية أنفسنا مما علق بها من ترسبات كانت سبباً مباشراً في نكباتنا ومصائبنا وقلة حيلتنا وخروج الأمر من أيدينا!!. 2. اختيار القائد المحنك المسلح بالإيمان والعزم والمتجرد من كل الأطماع والشهوات والمزايا ليقودنا حيث أحلامنا وكرامتنا وذاتنا وسط أمواج عاتية من صعاب كان قد خلقها قادتنا بفضل سوء تقديرهم وقلة إيمانهم وضعف بصيرتهم وشكيمتهم وإيمانهم بقدرات شعبنا!!. دعوة للجميع في أن يحثوا الخطى بحثاً عن مصباح "ديوجين" الكامن في بواطن وأعماق تفكيرنا لنكشف عن سيئات أفعالنا من أجل تقييمها وتقويمها أولاً، ثم لنختار بعدها من يستحق بشرف أن يكون قائداً لنا من بين أبناء جلدتنا، من أجل أن نضع أولى خطواتنا على طريق بحثنا عن خلاصنا لنحقق بعدها النصر على عدونا!!. سئل حكيم يوماً ...كيف أنتصف من عدوي، فأجابه الحكيم على الفور: بإصلاح الذات أولاً!!. سماك العبوشي

إضافة التعليقات متوقفة حاليا - ترجى المعذرة.

Comments will undergo moderation before they get published.

إغتيال عرفات

كلّ يوم يمرّ دون إجراء فحص لرفات الرئيس الراحل أبو عمّار تتضاءل الفرصة في الوصول لحقيقة اغتياله وإنّ مرور الوقت يجعل من الوصول لها مستحيلا, فمن يعمل على التأخير ومن صاحب المصلحة بإخفاء الحقيقة خاصّة وأنّ الخبراء يقولون أنّه تبقّى أسابيع منذ شهر تموز لعام 2012 ؟


العد التنازلي توقّف
بتاريخ 1-12-2012

هل تعتقد أنّ الطيراوي حصل على ال VIP من اسرائيل مقابل اغلاق ملف التحقيق باغتيال أبو عمّار

نعم - 83.5%
لا - 16.5%
التصويت لهذا الاستفتاء منتهي

هل ينطبق المثل القائل "يقتل القتيل ويمشي في جنازته" على أبو مازن؟

نعم - 87.5%
لا - 12.5%
التصويت لهذا الاستفتاء منتهي

الأكثر قراءة