في بلدتي "سلوان" سلطان عينه الزعيم ومنحه كل الصلاحيات والنفوذ بحجة انه يحمل قلب انسان وانه سيكون للناس بلسما لجراحهم وانه سيكون الطبيب المداوي لعلاتهم ... علم السلطان انه في أول الزمان كان مواطنا بسيطا يساعد الجميع ويمشي مع القطيع يهتف لافكار السلطان وبركاته ..
لقد عرف صديقنا كيف يحتل العناوين في اخبار السلطنة وكيف يجمع صوره وأقاصيص أخباره ليريها للقاصي والداني ولكل من هب على الارض ليصل السلطان خبر صولاته وجولاته ... كم قبل الاحذية وتمسح باللحى فأصبح مداسا لهذا وذاك كي يقترب اكثر من السلطان .. لو يعلم السلطان حقيقة كرهه له .. لو يعلم ماذا كان يلقبه في جلساته مع العائلة .. سلطان الخزي والعار .. سلطان التآمر على السلطنة لصالح أعدائها .. أما حين تجمع الايام صاحبنا بالسلطان فكانت تسعفه لغته وهو المفوه في حمد وشكر السلطان .. وتحقق الامر .. فصاحبنا خرج من بلدتي قائدا مغورا في يوم من الايام وإذا به بقدرة قادر يحكم أمر البلدة والبلدات المجاورة .. فيعطي هذا ويحرم ذاك .. يقرب هذا من السلطان إن أصبح من خدامه الافياء .. ويبعد ذاك إن كان من النفوس التي لا تشرى بالمال ... ولكن في حياة صاحبنا قصة لا يعرف تفاصيلها الكثير .. فقد كان له حياة كباقي البشر .. بيت وأسره .. دمرها مرضه وإنفصامه الشديد .. كان وحشا منزليا .. ولديه خزانه أقنعة يبدل منها حسب الحاجة .. كان في حياته الخاصة منفرا بل مقرفا الى حد أن تقذف ما في جوفك من شدة تحقيرك لسلوكه ومرضه وشذوذ نفسيته ... ولكنه الطموح الاعمى الفاسد .. والانتهازية التي رافقت ايامه .. فأعاد الكره وبنى أسرة أذاقها الويل والمذلة .. يفرغ كل أمراضه على عتبة منزلها .. سياطه المعذبة صديقة لياليه يخفف بها من أوجاع حقيقته ..وحده يعرف كم هو معذب مدعي وكم هو ممثل بارع يمتلك من أدوات التقمص الكثير .. اقتنص فرصة النفوذ فاستغلها أسوأ إستغلال ضد أقرب الناس إليه وبدأ يبطش وينتقم ممن صور له عقله المريض أنهم خصومه فكل من ينتقد أحد قراراته في جلسة عامة أو خاصة فهو عدوه اللدود يسلط أدوات بطشه عليه وكأننا في عهد تحكمه شريعة الغاب .. يضرب الناس في أرزاقها وقوت عيالها بدعوى أنها ضد مصالح السلطنة العظمي فيصدقه لفيف حصنه المنيع ويساهمون بطاعة الغباء في فرض قوانينه وهو المحترف في صياغة القوانين وتمريرها وتلميعها وتسويقها بين الناس ... وآخر ضياحاه كانت بلدته الوادعة التي تئن تحت أوجاع ضيق المعيشة وصعوبة الحياة وهي التي تستحق منه كل حب وعطاء لانه احتملت أمراضه واحتوته ورعته لسنين وفرحت من أجله وهي لا تعلم أنه يخفي سكينه خلف ظهره .. مسكين محزن لمن يكتشف حقيقته مع الوقت لانه واقع تحت سيطرة مرضه النفسي ..ووقته بالسلطنة بدأ بالنفاذ وساعته اقتربت فكيف ان ذهب النفوذ سيعود إليها ..كيف سيواجه أهلها وسكانها .. وكيف سيعامله أتباعه الذين يغدق عليهم من أجل أن يبقوا حوله .. والتاريخ أثبت مرارا أن لا أحد يبقى مع ميت وإن كانت علامات الحياة لا تزال تنبض في صدره .. مؤكد سيصلون بمحراب من بعده وقد لا يلقوا عليه السلام إن مر عليهم لان صفحته قد طويت وبدأ الكتاب بصفحة جديد ومسؤول جديد وفرمانات أشد ألما من سابقاتها ...
إضافة التعليقات متوقفة حاليا - ترجى المعذرة.
Comments will undergo moderation before they get published.